الاثنين، 6 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل الاول


الفصل الاول

 

تمشي على إيقاع موسيقى الروح .... تصلي صلاة الشوق جهرا وأنا أصلي صلاة العشق سرا هل من غار لبعث رسالة الشوق .إنها مريم تأتي في كل الفصول تحمل إبتسامتها الرقيقه النابعة من جوف لا يعرف النفاق إنها كذلك .خرجت من رحم النيل لتجسد إنسان آدمي في طراز نخلة تتمدد عروقها من أرض النيل إلى أرض الساحل توزع ثمارها على كل ربوع بلادي فهي متسامحة مع الجميع .

تجلس محاذاة لصمت الطبيعة تغازل البحر بعد طول غياب عن النيل الأب الخالد ، تجادعه بأحجار صغيرة فتسير مزاجه وتعكر صفوه بعد مرور أيام إعتاد البحر على كل ما تفعله به فأصبحت أنيسته تلقي عليه مشاكل الحياة وهو لا يبخل عليها بالإستماع ويبادلها الشعور كذلك ، أصبحت علاقة ود بينهما فالبحر كالإنسان تماما له أشجانه وأفراحه له حكاياته الليلية مع ضوء القمر ومغازلة النجوم لكن تلك العلاقة لا يدركها إلا القليلون أمثال مريم ...

يشتكي دوما من إهمال العاشقين له كأن لا وجود له سوى أنه محطة عبور يقف عندها العابرون في طريق الحب ثم يواصلون ...يتحدثون ويتغازلون ويمارسون طقوس الحب عليه وهو يرى كل ذلك يعبر لهم عن سعادته وحزنه عبر الأمواج فالأمواج هي لغته وإن جهلها البعض مريم تدرك ذلك .

النيل :

النيل إنسان يحمل أشواق الإنسان ...

مريم نيل أنثوي لها كل خصائل النيل إذا هي نهر ...مريم النيل

تداول حوار ليلي بين والديها عن قضاء الإجازة في البلد ، بعد مباحثات طويلة قرروا أن يذهبوا إلى البلد خاصة بعد طول غياب .

الصباح مع أصوات الغربان وبعض تغاريد العصافير على الشجرة التي توجد في حوش بيتهم إستيقظت أمها أولا ركعت ركعتي لله ثم إيقظتها قومي يابتي الصلاة وكتا جا

مريم : هي بتين أصبحت ذاتو

والدتها :

قومي تفلحي في السهر في النصيبا الإسمو الفيس داك قومي يابت صلي ورجعت لأداء ركعتي الفريضة .

تسائبت ثم أخذت برهة من الزمن وهي في سريرها تفكر فيما كان يدور قبل النوم في الفيس ثم نهضت لأداء الصلاة .

دخلت أمها المطبخ لإعداد شاي الصباح ، ذهبت

هي لقراءة آيات من القرآن بعد مسافة من الزمن جاء صوت أمها يشق جدار الغرفة وهي تنادي عليها يابت تعالي أشربي الشاي .

جاءت مريم بكل حيوية لإحتساء الشاي جلست بجوار والدتها .

أخذت والدتها تقسم لها الشاي هاكي أشربي يا حشاي وبعد قليل

تسائبت ثم أخذت برهة من الزمن وهي في سريرها تفكر فيما كان يدور قبل النوم في الفيس ثم نهضت لأداء الصلاة .

دخلت أمها المطبخ لإعداد شاي الصباح ، ذهبت

هي لقراءة آيات من القرآن بعد مسافة من الزمن جاء صوت أمها يشق جدار الغرفة وهي تنادي عليها يابت تعالي أشربي الشاي .

جاءت مريم بكل حيوية لإحتساء الشاي جلست بجوار والدتها .

أخذت والدتها تقسم لها الشاي هاكي أشربي يا حشاي وبعد قليل

والدتها : في خبر سمح حيبسطك يابتي !

مريم : ده خبر شنو ؟

والدتها تتسكع في الرد تعدل من جلستها وترشف من الشاي الساخن !

مريم :

سليتي روحي يا أمي ما تقولي !؟

والدتها :

السنة دي الإجازة والصيام في البلد لم تتم باقي كلاما حتى وجدت مريم تحتضنها فرحا ودموع الفرح تنسال في خديها الناعمين كدفيق البلح (الدفيق البلح قبل ما يصبح رطب )

مريم :

أخيرا سنذهب إلى أرض النيل لنعانق النيل لتحجينا الحبوبه لنلتقي بالأهل لنأكل الرطب لنشرب ماء الدميرة
 
 

مريم والبحر - الفصل الثاني


الفصل الثاني

 

هنالك بعيدا حيث الصحراء النيل يشكل أجمل لوحة لايمكن وصفها بأية حال .

الصحراء سكرى بمنظر النيل

الأرض هنا حبلى بالنيل تمارس معه كل طقوس الحياة .

أشرقت الشمس هنا وهي تتسلل من بين جريد النخيل تبعث حياة يوم جديد .رائحة الطمي ونحن في فصل الدميرة تغمر المكان وكأنها رائحة عروس تستعد لمعركة ليلية نعم إن الأرض في هذه الأيام عروس للنيل يغمرها من كل الجنبات وتلذذ هي وتنمو ضفائرها وتخضر .إستيقظ أهل القرية هنا وكعادتهم مبكرا قبل الطير يؤدون صلاتهم في مسيد القرية المبني من خشب السنط والنخيل وجريد النخيل وهو مشابه تماما لمنازلهم بعد أن أدوا الفريضة جلسوا يتضاحكون قليلا قبل الذهاب إلى متراتهم * سأل حاج عثمان ذلك الرجل الذي رغم تقدمه في العمر مازال ترتسم ملامح الشباب في وجهه فهو رجلا بشوش رغم صعوبة الحياة معه وتعقدها يا عبدالله إنت أمبارح نصايص الليل مالو صوتك في التلفون عالي يجيب الطاشي ؟ إنشاالله خير!

عبدالله:

يسكت قليلا ثم يتأفف أف أف !

الولد عامل جوطة في الجامعة ومشاكل وضربولي تلفون قالوا لي لم جناك دا وإلا تاني مابتشوفو!!

يقاطعه إبراهيم ودالشيخ :

والله ولدك دا تاريهوماهين الخلا الناس دي تضرب لك و...

يقاطعه عبدالله:

هين شنو ياودالشيخ الناس ديل نحن ما قدرم ديل ناس متمكنين

يدخل في الحوار محمد إحمد وهو رجل ليهو تجارب مع السياسة :

ياحاج عبدالله الناس ديل مابقدروا يسوا أي شي ديل كضابين ساكت الله يلعنم فالحين في زيادة الأسعار بس كان بسو شي ما كان ضربولك ياخي إنت ما شفت زمن نميري براك كان راجل فقر إلا ديل أفقر منو إطمن يازول غير الكاتب الله ما بتكون

عبدالله :

أي والله غير الكاتب الله مابتكون بس الجنا دا مالو ومال الأحزاب بس مسكين ماعاش مر الأحزاب ذينا وحكومة الصادق العدمتنا نفاخ النار

ودالشيخ :

ما عاش الأحزاب لكن عاش الكضابين ديل والحال كلو واحد .

محمد إحمد ربنا يعدل الحال وإطمن مابتجي العوجي

هوي الونسة جرتنا قوماكم النشوف شغلتنا و أرزاقنا

يذهب كل واحد منهم إلى أشغاله بعد أن يغشوا البيوت لتناول شاي الصباح مع حرف فطير بايت

هنالك في أقصى الحلا حيث منزل محمد الحسن جلس في بنبر الخشب وبجانبه أم أولاده وأحفاده بعد أن عادوا من صلاة الفجر لتناول الشاي .

صباح الخير ياولاد

يردون جميعا صباح الخير ياحاج

الحاجة بخيتة :

تعال لاجاي الأكبلك الشاي

بعد أن فرغت من كب الشاي

بخيتة :

كان شفت يا محمد "بضم الميم " الليلي من الصباح عيني اليمين دي تضرب ياربي الطارينا من الصباح دا منو ولا في زول جاي من السفر

محمد الحسن :

الله يجعل الخير بس أنا قلبي بقول في زول جاي من السفر خاصة إنو طولو الأولاد من الجيه .

بخيته :

إن شاالله المسافرين كلهم يجو ونتلم كدي ذي زمان بركت شيخي الماحي

كان محمدالحسن قد أتم تناول شايه يلا ياناس ودعتكم الله أنا نازل لا تحت النشوف الرزق

أي نسيت يا عبدالرحمن قوم بعدين أمشي لي عمك الخضر قال داير يرسل لك للمدينة تقضيلو أقراض عمك كبير وأولادو كلهم مسافرين لازم تقيف معاهو

عبدالرحمن :

سمح يابا

وإنتو الباقين تعالو نازلين لا تحت بعد الشرقة شوفو فطور البهايم

يخرج من البيت فتاح ياكريم يحمل طوريتو ومنجلو ويمر علي بيت حاجه السرة في طريقو بعد أن شم ريحة البن طاقي الحلي من الصباح وهو إعتاد على أن يتناول معها الجبنة البكرية الصباحية وهو يداعبها دائما بالكلام

يدخل محمد الحسن:

صباح الخير يا السرة الراجل !

السرة: أصبحنا بي الله وتطلق ضحكتها المدوية تعال لا جاي أشرب الجبنة

المكان يفوح برائحة البن والمنزل عبارة عن متحف تراث قومي

تزين جدار الحائط خطوط المطر التي هطلت قبل فترة ليست بالقصيرة هنا لا أحد يريد أن تهطل المطر لأنها دمار للنخيل وبيوت الجالوص لكن إن هطلت يتقبلونها بصدر رحب .

السرة بعد أن فرغت من إعداد الجبنة هاك أشرب يا محمد "بضم الميم"

إنت عبدالرحمن ولدك دا ماداير تعرسلو

يرد بعد أن أحدث ضحكة مدوية ياحاجة قولي بسم الله دا لسه صغير وبعدين الزمن دا العرس بالشي الفلاني لسه بدري

السرة : آآه يا حليل زمان العرس كان ساهل والنفوس مطايبه دحين يامحمد مابتذكرأيام عرسك الحفلة أسبوعين شغالة والمريسة بالأزيار نشرب ونغني وندي الشبال .

محمدالحسن: ههههههه زمن الدنيا بي خيرا أي كيفن مابتذكرو حلاة ديك أيام

السرة : تراها أيام وإنتهت الله يورينا حق بطان الزمن دا

محمد الحسن : أسي عليك الله لو كان رضيتي تعريسيني بعد راجلك ما مات ماكان أحسن من الهوا يشيل جنس الحاجات دي والله كان رايدك بي جدي أخ من راسك القوي دا .

السرة : تخرج كيس التمباك بعد أن فرغت من تناول الجبنة تضع سفه تحت لسانها ثم تنظر إليه إنت كان دايرني أبقى ضرة لي بت عمي يالمطلوق إنتا وبعدين بخيته مالا والله مكيفاك كان وزيادة .

محمد الحسن :

يطلق ضحكته المعروفة أي أي والله مكيفاني وساتراني بس البحر بدور الزيادة ثم يقيف علي حيلو ها يا مرا الشمس مرقت أقوم أحصل زراعتي .

السرة : حصل رزقك بعدين بجيك لا تحت ألقط لي شوية ويكي و ورق .

سمح تعالي الخير راقد .

كانت هي فرحة بالخبر الذي سمعته في ذلك الصباح وأصبحت مثل طفل صغير فرح بقدوم العيد أصبحت أكثر حيوية ونشاط دخلت إلى غرفتها وطوالي دون أن تدري فتحت أغنية للرائع مصطفى سيدأحمد فنانها الأول وإمتلأت الغرفة فرحا وطربا .

عارفني منك ..

لا الزمن يقدر يحولني عنك

لا المسافة ولا الخيال يبعدني عنك

عارفني منك ..

تواصل رقصها الروحي مع إيقاع مصطفى الجسم كله يستمع إليه في إشتياق .

أخبرت جميع صحباتها بأنها ستقضي الإجازة هذا العام في البلد فرحن جميعا لهذا الخبر الجميل .

أتى المساء يحمل أشواق النهار ليصبها على الأجساد المنهكه المساء بكل رونقه وبهائه يأتي إلى حضن مريم ليقرئها أن الأرض حبلى بالحرام من فعل الإنسان وممارساته .

أتى المساء وأعدت نفسها للذهاب إلى ذلك المكان الذي طالما عرفته جيدا وعرفها إنه البحر الصديق الحبيب لها .

تبادلا التحايا بالأحضان وجلست بجواره تحكي إليه ماقرره والديها من ذهاب إلى البلد تذمر قليلا ثم إنشرح فرحا لما سمعه .إذهبي إلى النيل الإنسان هو بكل تأكيد يشتاق إليك .

أخذت تتداول معه الأحاديث حتى حان وقت الذهاب على أمل المجيئ الأخير للوداع..


 

مريم والبحر - الفصل الثالث


الفصل الثالث

 

مازال في جوفي أشياء لم تكن أن تختبيء لو لا أن البحر أراد ذلك أشياء كثيرة بعمق هذا البحر وموسيقا موجه وإنعكاس كل ذلك على مريم .

أن تسجن كل هذا العشق في دواخلك أفضل !! ليس رفضا للحرية فمن الطبيعي أن تحلق العصافير كيفما تشاء وأنى ماتريد . هذا عشق من نوع آخر إن أطلقته في هذا الجو المليئ بحمى التطفل الإنساني المشحون بواقع أليم واقع تبدو فيه الأحلام أضحوكة .

أشرقت هناك الشمس وكل أهل القرية منهمكون في أعمالهم الترابلة * يواصلون أعمالهم تحت شمس محرقة تأقلموا عليها جيدا ولا يضعون لها أدنى إهتمام .أصوات الوابورات أصبحت موسيقاهم التي تصدح لهم بالخير .

الأسطوات أو البنايين منهمكون في أعمالهم أيضا بجد يبنون المنازل من الجالوص كان أحمد المنصوري القادم من أرض المناصير أفضل وأمهر من يضع سريقة* في القرية كلها كأنه درس الهندسة.

تية : رجل أبنوسي مبتسم رغم مافعلته به الحياة ،أحد عمال كمينة الطوب قادم من أرض النوبة حيث سلسلة الجبال الشامخة كأهلها هذا الرجل فيه صفات قلما تجد في إنسان غيره يقوم بأعماله الشائقة وبدون إصدار أي أنين فقط له كلمات معدودات : المأيشة سعبه والهرب "الحرب " شردتنا من أرضنا بس هنا الناس كويسين على رغم إنو الحالة سعبة شديد هنا والحال واحد هنا وهناك بس الكويس مافي حرب هنا .

بدأ محمد الحسن في مترته منهمكا في عمله ينظف الجداول ثم يذهب إلى طرف البحر ليدور بابوره ليقوم بسقاية الزرع .

إنسالت المياه بإيقاع هاديء لتروي شوق الأحواض والزرع للماء وأمسك بطوريته التي عرفت مسام يديه جيدا وبدأ يفتح هنا ويقفل هنا بكل حيوية .

في منزله جا علي سيد صاحب الإتصالات يحمل الأخبار السارة لزوجته بخيتة بأن ولدها الحسن وأبنائه إتصلو وقالوا جايين يقضو الإجازة في البلد كادت الحاجة بخيته أن تزغرد من الفرح لولا أنها تذكرت ولد عمها الميت قبل فترة قصيرة في الحين تساقطت دمعاتها فرحا وصدقت عينها التي كانت تضرب من الصباح بعد أن أبلغها بالخبر علي سيد الدكان وهو يغادر نادته أقيف أديك كراك * أي هديتك فذهبت للحوش الجواني حيث أزيار البلح مليئة بما جادت به النخيل في العام السابق ، ملت كيسا له وكيس تاني طلبت منه أن يحمله للمسيد حيث الأطفال البركة يحفظون القرآن .حمل علي الأكياس وذهب وهو مبتسم ربنا يحفظك يا حاجة بخيته ويجيبم بالسلامة .

أسرعت في إشعال دوكتها لعواسة الكسرى وقلب القراصة لفطور أولادها وزوجها في المترا هنا يدخل إيقاع العقد الفريد:

القرقريبه قريبه

أحب القرقريبه قريبه

وفي أيدك فراشه تدور

والهبابه والعرق البنقط داك

ذي قمرية قوق قوق فوق السور.

أتمت عواستها وقامت بقلي الملاح البايت وهو ملاح ويكة ناشفة بي لحم شرموط ، ثم وضعته في صحن كبير ومن فوقه قراصة خمسة بوصة وتزينت جوانب الصيننة بطرقات كسرة

حملت الصينية فوق رأسها ثم نزلت لا تحت وهي متشوقة لإيصال الخبر لمحمد الحسن .

الساعة الحادية عشرصباحا هنا والشمس كأنها إلتصقت بالأرض العرق يسيل منه بغذارة وتفوح رائحة الطين المختلطة برائحة الزرع منه رائحة ذكية بكل تأكيد إنها رائحة الغبش لم تصنع في باريس ولاغيرها صنعت من الطبيعة .

وقف ناهضا وهو يرى من بعيد زوجته تحمل الفطور تأفف أخيرا جيتي تجيكي الرافعة ضنبا وهو لايقصد إيذائها فقط ظروف الحياة جعلته يقول هكذا .

مالك أخرتي الفطور كدي يا مرا ؟

الحاجة بخيته: ياراجل الواطة صباح لسه وجايبالك بشارة خير!

إندهش وأصبح يبحلق في وشها قولي سريع.

الحاجة بخيته :

الحسن أولادو ضربو قالو جايين البلد .

محمد الحسن :

يامرا إنت بتقولي صح ولا خرفتي

تطلق ضحكتها خرفت إنت أنا لسه شباب يا عجوز إنت .

محمد الحسن :

ربنا يجيبم بالسلامة والله إشتقت لي شوفت أولادو يكونو كبرو أسي الحاجة بخيته :

ياراجل القراصة بتبرد

يقف ناهضا ويطلع أعلى الجدول لينادي جاره سيدأحمد وهومن القرية الجمبهم جاء مزارعا في أرض عبدالفتاح الجزولي تاجر السوق .

عووووووووووك نهض سيدأحمد مجرد سماع الكوراك فرفع يده إلى أعلى .

محمدالحسن : قوم تعال الفطور جا

سيدأحمد: أفطرو أفطرو

محمد الحسن: علي الطلاق كان تجي

قطعت حليفة الطلاق كل شيئ .

جا سيدأحمد فرد التحية وتلقى هرشات من محمدالحسن شنو مالك تتعز ياها اللقمة الواحدة دي ولا غيرا .؟

ماتكون زول كعب

بسم الله يفتح الصينية لم يجد غير القراصة يا مرا إنت البصل العفن في البيت مافي .

كانت ممسكة بمنجلها وهي تحش فطور الغنم جنب البيت .

نسيتو ياراجل ما تكورك أقلع من الحوض وأقرش .

محمدالحسن : ما قت ليك خرفتي وعجزتي ياسيدأحمد ماتشوف لي مرة من قريتكم ديك مرة شابة كدا ومليانة وصدرا كبير ومنفوخ ! يريد بذلك إغاظة بخيتة ولكن لا تعطي له أدنى إهتمام.

سيدأحمد: ياعجوز إنت تاني الدايراك منو بعد العمر دا وبعدين بخيته دي مافي مرا بتقبل تبقى ضرة ليها مرة مالية مكانتا .

يضحك ويمشي على حيضان البصل يقلع كم حبه تم يجلس طرف الجدول ويغسله من الطين ويضع كردمة البصل على ركبته ليهشمها حتى يستطيعون أكلها بسهولة .... يتناولون فطورهم وهم يتبادلون أخبار البلد والسياسة .

محمد الحسن : والله ناس الإنقاذ ديل طلعو كضابين ساكت وغشونا في الإنتخابات الفاتت وعدونا بالكهربة والشفخانة وصيانة المدرسة المن زمن عبود ولا تاني جابولنا خبر بعد مافازو ولا قالولنا عينكم في راسكم .

سيدأحمد : هههههه أوعك تكون صدقتهم بس يا حليلك شان كدي أنا ماصوتا ذاتو عارفم كلهم كضابين مابتذكر جية الصادق وخطبتو الحماسية ووعدو لينا وبعد مافاز ماسمعنابو ذاتو إلا تاني سمعنا ديل قالو قلبوهو .

سيدأحمد:

ياهو حال السودان من ماقام والله الخرطوم البيقولوها دي حالتا أصعب مننا لمن زرتها قبل كم سنة بس في حتات كدي التقول مافي السودان .

سيدأحمد: ديك ياها أحياء ناس الحكومة وتجار الحكومة .

محمدالحسن: الله يلعنم كان ماصين دمنا كدي

رطل الزيت بي تمنية جنيه ؟! ويقولولك مصانعنا ومشاريعنا تكفي العالم .

سيدأحمد: تمنية جنيه بي تمنية شجرات

محمدالحسن :

يطلق ضحكة مدوية أي أي بس ياها ذاتا بركة البقت تمنية شجرات ماأكترمن كدي .

لكين كل الأحزاب دي واحد نفس فعايل ديل تلقاها عن ديل الصادق والميرغني عايشين أحسن عيشة ويسافرو برا ويجو غير الجناين والمزارع .

الصحن شارف على الإنتهاء فنهض سيدأحمد فمسكه من يده أقعد أحسن الصحن أنا ذاتي شبعتا .الحاجة بخيته كانت قد إنتهت من حش قش البهايم وربطته في حزمة كبيرة تعال يامحمد بضم الميم أرفعو لي فوق راسي يرفع القش فوق راسا وقبل أن تذهب بعدين لامن تجي البيت ماتنسى الصحن والصينية ذي كلو مرة هنا الكلاب تقعد تلحس فيها .

سمح يابخيتي .

جلسا قليلا في ضل التمرا وهما مازالا يتناولان السياسة وإنفصال الجنوب والحرب في دارفور مابين الحقيقة وتصريحات ناس المؤتمر الوطني ، حتى أدرك محمدالحسن أن مويتو يمكن كسرت في الحيضان . الأقوم أشوف الموية وأقلبا يمكن ملت .

سيدأحمد أنا ذاتي أقوم أشوف مشاغلي يذهبون .

هناك على الساحل في المدينة الساحرة بسواحلها وطبيعتها الجميلة الفقير أهلها ويموتون بأمراض العصر الحجري من سل ودرن وتتحدث الحكومة عن أنها المدينة السياحية الأولى بل دوحة أفريقيا والقادمون إليها ينبهرون من الحدائق المزينة والكورنيش على طول المدينة وصور واليهم تزين الشوارع ومعه رب الرقيص عمر ...يندهشون لجمال المنظر وأن البورت جنة يضحكون ويتسامرونويروحون عن أنفسهم وليس في بالهم أن هنالك أحياء سياحية على بعد أمتار من الكرنيش أحياء تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء إنها الأحياء الهامشية لم يزرها أهل السياحة ليتهم ذهبوا إليها ليروحوا عن أنفسهم بذلك الكم الهائل من الأوساخ والمدارس التي حالها يغني عن الوصف ...المستشفيات أو إن صح المستنقعات هذا كله في عاصمة السياحة السودانية . هذا صبرا تأتيهم شبح الإزالة كل يوم تعكر صفوهم وصبرهم الطويل ...

يوم أن طالبوا بحقوقهم كانت لغة الرصاص هي ما يستحقونه والموت هو رد المطالب ... يا أهل الشرق ما أشبه حالكم بحال باقي الوطن وما أشبه أماني الجميع .

رغم كل الألم يبتسمون ويداعبونك بالكلمات وكرمهم لايوصف ...

في أحد الأحياء الهامشية كان علي ود عبدالله القادم من الشمال يسير ببطء في زمن عنوانه السرعة أثقلت الحياة أكتافه ولكنه مازال صامد ا وصابرا ذهب هناك لا يدري لماذا فقط ذهب كان من المفروض أن يكون الآن داخل أسوار الجامعة ولكن الجامعة تم تقفيلها بمسرحية كيزانية سيئة الإخراج بعد إثبات فشلهم في كل المستويات .

وجد خطاه تسوقه إلى أقصى الحي الطرفي الكل ينظر إليه يتهامسون من هذا الغريب لأنهم يعرفون بعضهم جيدا .

وجد سبيلا به زيرين وقف وملأ الكوز * تباللكوز* عذرا الإناء وغسل وجهه المتسخ من عرق الشمس وغبار الأرض ثم شرب حتى إمتلأت بطنه تماما لتسد مكان الجوع جلس قليلا ليرتاح وأثناء ذلك ظهر طفل في الحادية عشر من عمره ملابسه متسخة وأو في الحقيقة لا توجد ملابس لأن الزمن قد جزأها وساعدته الطبيعة من شمس وغيرها ، نظر إليه جيدا ثم ملأ الإناء بالماء وشرب وأراد المغادرة نادى عليه علي عبدالله : تعال ياولد

الطفل : ياا داير شنو !

علي : تعال بس داير أسألك .

الطفل : قول خلينا نمشي .

علي : إسمك منو إنت ؟

الطفل : تودي إسمي وين

يقاطعه : ياخي داير أبقى صاحبك

الطفل : إسمي أحمد

علي : ياسلام يافردة وأنا علي

أحمد : كويس في شنو!

علي : مالك ما عد تمشي المدرسة أسي أصحابك كلهم في المدرسة ؟

أحمد: مدرسة يمشو كيف وقروش مافي وكل يوم مدير طاردنا ويدقنا وأبوي مفلس شغل ما لاقي .

علي : تكاد دموعه أن تنزل هكذا هو الحال في كل مكان وا إسلاماه!! ويطلق ضحكة داخلية وفي ذهنه مدارس الكمبوني وغيرها وحال ديك من ديل تبا" لإله الرقيص عمر .

يبادره بسؤال ؟ طيب بتسوي شنو أسي ؟

أحمد: بشتغل نلم الخردة ألمونيوم ونحاس من الكوشه شان نبيع نجيب قروش للبيت .

علي : معاك منو؟

أحمد: ولاد كتار من الحلة بس فقدنا صاحبنا أبكر الملقب ب الجقر لصغر حجمه ... مات في الكوشة وكان شغال معانا ، قالو ضربت شمس .

علي : يتذكر أركان النقاش في الجامعة مباشرة هنا أمامه والكولنات ... شدي حيلك ياقطاطي ويابيوت الطين أقيفي ... باكر صباح الخير نطرد ليالي الشر .... لن نتكي مالم هذا الوطن ينجم ...متين إيد الغبش تتمدا لا قدام ... وطني ولا ملي بطني ... حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي ... الافكار والبرامج الحزبية مابين واقعي وخيالي ...

علي : ضيقو ليتسع الطريق ...صبرا قليل

أثناء ذلك التفكير والتخطيط ذهب الطفل بعيدا لم يدرك أنه ذهب منه وأصبح ينادي عليه تعال تعال الأقول ليك يظل الطفل يركض ويركض وفجأة ياالله ما الذي يحدث