الاثنين، 6 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل الثاني


الفصل الثاني

 

هنالك بعيدا حيث الصحراء النيل يشكل أجمل لوحة لايمكن وصفها بأية حال .

الصحراء سكرى بمنظر النيل

الأرض هنا حبلى بالنيل تمارس معه كل طقوس الحياة .

أشرقت الشمس هنا وهي تتسلل من بين جريد النخيل تبعث حياة يوم جديد .رائحة الطمي ونحن في فصل الدميرة تغمر المكان وكأنها رائحة عروس تستعد لمعركة ليلية نعم إن الأرض في هذه الأيام عروس للنيل يغمرها من كل الجنبات وتلذذ هي وتنمو ضفائرها وتخضر .إستيقظ أهل القرية هنا وكعادتهم مبكرا قبل الطير يؤدون صلاتهم في مسيد القرية المبني من خشب السنط والنخيل وجريد النخيل وهو مشابه تماما لمنازلهم بعد أن أدوا الفريضة جلسوا يتضاحكون قليلا قبل الذهاب إلى متراتهم * سأل حاج عثمان ذلك الرجل الذي رغم تقدمه في العمر مازال ترتسم ملامح الشباب في وجهه فهو رجلا بشوش رغم صعوبة الحياة معه وتعقدها يا عبدالله إنت أمبارح نصايص الليل مالو صوتك في التلفون عالي يجيب الطاشي ؟ إنشاالله خير!

عبدالله:

يسكت قليلا ثم يتأفف أف أف !

الولد عامل جوطة في الجامعة ومشاكل وضربولي تلفون قالوا لي لم جناك دا وإلا تاني مابتشوفو!!

يقاطعه إبراهيم ودالشيخ :

والله ولدك دا تاريهوماهين الخلا الناس دي تضرب لك و...

يقاطعه عبدالله:

هين شنو ياودالشيخ الناس ديل نحن ما قدرم ديل ناس متمكنين

يدخل في الحوار محمد إحمد وهو رجل ليهو تجارب مع السياسة :

ياحاج عبدالله الناس ديل مابقدروا يسوا أي شي ديل كضابين ساكت الله يلعنم فالحين في زيادة الأسعار بس كان بسو شي ما كان ضربولك ياخي إنت ما شفت زمن نميري براك كان راجل فقر إلا ديل أفقر منو إطمن يازول غير الكاتب الله ما بتكون

عبدالله :

أي والله غير الكاتب الله مابتكون بس الجنا دا مالو ومال الأحزاب بس مسكين ماعاش مر الأحزاب ذينا وحكومة الصادق العدمتنا نفاخ النار

ودالشيخ :

ما عاش الأحزاب لكن عاش الكضابين ديل والحال كلو واحد .

محمد إحمد ربنا يعدل الحال وإطمن مابتجي العوجي

هوي الونسة جرتنا قوماكم النشوف شغلتنا و أرزاقنا

يذهب كل واحد منهم إلى أشغاله بعد أن يغشوا البيوت لتناول شاي الصباح مع حرف فطير بايت

هنالك في أقصى الحلا حيث منزل محمد الحسن جلس في بنبر الخشب وبجانبه أم أولاده وأحفاده بعد أن عادوا من صلاة الفجر لتناول الشاي .

صباح الخير ياولاد

يردون جميعا صباح الخير ياحاج

الحاجة بخيتة :

تعال لاجاي الأكبلك الشاي

بعد أن فرغت من كب الشاي

بخيتة :

كان شفت يا محمد "بضم الميم " الليلي من الصباح عيني اليمين دي تضرب ياربي الطارينا من الصباح دا منو ولا في زول جاي من السفر

محمد الحسن :

الله يجعل الخير بس أنا قلبي بقول في زول جاي من السفر خاصة إنو طولو الأولاد من الجيه .

بخيته :

إن شاالله المسافرين كلهم يجو ونتلم كدي ذي زمان بركت شيخي الماحي

كان محمدالحسن قد أتم تناول شايه يلا ياناس ودعتكم الله أنا نازل لا تحت النشوف الرزق

أي نسيت يا عبدالرحمن قوم بعدين أمشي لي عمك الخضر قال داير يرسل لك للمدينة تقضيلو أقراض عمك كبير وأولادو كلهم مسافرين لازم تقيف معاهو

عبدالرحمن :

سمح يابا

وإنتو الباقين تعالو نازلين لا تحت بعد الشرقة شوفو فطور البهايم

يخرج من البيت فتاح ياكريم يحمل طوريتو ومنجلو ويمر علي بيت حاجه السرة في طريقو بعد أن شم ريحة البن طاقي الحلي من الصباح وهو إعتاد على أن يتناول معها الجبنة البكرية الصباحية وهو يداعبها دائما بالكلام

يدخل محمد الحسن:

صباح الخير يا السرة الراجل !

السرة: أصبحنا بي الله وتطلق ضحكتها المدوية تعال لا جاي أشرب الجبنة

المكان يفوح برائحة البن والمنزل عبارة عن متحف تراث قومي

تزين جدار الحائط خطوط المطر التي هطلت قبل فترة ليست بالقصيرة هنا لا أحد يريد أن تهطل المطر لأنها دمار للنخيل وبيوت الجالوص لكن إن هطلت يتقبلونها بصدر رحب .

السرة بعد أن فرغت من إعداد الجبنة هاك أشرب يا محمد "بضم الميم"

إنت عبدالرحمن ولدك دا ماداير تعرسلو

يرد بعد أن أحدث ضحكة مدوية ياحاجة قولي بسم الله دا لسه صغير وبعدين الزمن دا العرس بالشي الفلاني لسه بدري

السرة : آآه يا حليل زمان العرس كان ساهل والنفوس مطايبه دحين يامحمد مابتذكرأيام عرسك الحفلة أسبوعين شغالة والمريسة بالأزيار نشرب ونغني وندي الشبال .

محمدالحسن: ههههههه زمن الدنيا بي خيرا أي كيفن مابتذكرو حلاة ديك أيام

السرة : تراها أيام وإنتهت الله يورينا حق بطان الزمن دا

محمد الحسن : أسي عليك الله لو كان رضيتي تعريسيني بعد راجلك ما مات ماكان أحسن من الهوا يشيل جنس الحاجات دي والله كان رايدك بي جدي أخ من راسك القوي دا .

السرة : تخرج كيس التمباك بعد أن فرغت من تناول الجبنة تضع سفه تحت لسانها ثم تنظر إليه إنت كان دايرني أبقى ضرة لي بت عمي يالمطلوق إنتا وبعدين بخيته مالا والله مكيفاك كان وزيادة .

محمد الحسن :

يطلق ضحكته المعروفة أي أي والله مكيفاني وساتراني بس البحر بدور الزيادة ثم يقيف علي حيلو ها يا مرا الشمس مرقت أقوم أحصل زراعتي .

السرة : حصل رزقك بعدين بجيك لا تحت ألقط لي شوية ويكي و ورق .

سمح تعالي الخير راقد .

كانت هي فرحة بالخبر الذي سمعته في ذلك الصباح وأصبحت مثل طفل صغير فرح بقدوم العيد أصبحت أكثر حيوية ونشاط دخلت إلى غرفتها وطوالي دون أن تدري فتحت أغنية للرائع مصطفى سيدأحمد فنانها الأول وإمتلأت الغرفة فرحا وطربا .

عارفني منك ..

لا الزمن يقدر يحولني عنك

لا المسافة ولا الخيال يبعدني عنك

عارفني منك ..

تواصل رقصها الروحي مع إيقاع مصطفى الجسم كله يستمع إليه في إشتياق .

أخبرت جميع صحباتها بأنها ستقضي الإجازة هذا العام في البلد فرحن جميعا لهذا الخبر الجميل .

أتى المساء يحمل أشواق النهار ليصبها على الأجساد المنهكه المساء بكل رونقه وبهائه يأتي إلى حضن مريم ليقرئها أن الأرض حبلى بالحرام من فعل الإنسان وممارساته .

أتى المساء وأعدت نفسها للذهاب إلى ذلك المكان الذي طالما عرفته جيدا وعرفها إنه البحر الصديق الحبيب لها .

تبادلا التحايا بالأحضان وجلست بجواره تحكي إليه ماقرره والديها من ذهاب إلى البلد تذمر قليلا ثم إنشرح فرحا لما سمعه .إذهبي إلى النيل الإنسان هو بكل تأكيد يشتاق إليك .

أخذت تتداول معه الأحاديث حتى حان وقت الذهاب على أمل المجيئ الأخير للوداع..


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق