الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل الثامن عشر


الفصل الثامن عشر

في منتصف يونيو و الشمس في كبد السماء كان يهتف

حرية سلام و عدالة الثورة خيار الشعب

تم إعتقاله وسط صمت الشارع الذي لا حوله له ولا قوة .....

ظل يردد

عاش كفاح الشعب السوداني ....

لم ترهبه أصوات العسكر ....أسكت يا حيوان ....

صار صدى صوته يتردد في المكان حتى إختفى تماما ....

في ذلك الوقت كانت تجلس على ضفة النيل مع صديقاتها الجميلات

النيل عكران يحمل الخصوبة للأرض كأنثى تترقب فارسها النبيل في تلك الليلة وضحاها

.....

فجأة أصبح كل شيء حولها يأخذ لون الحزن النيل إزداد هيجانا"

إنه يثور الآن ....

مريم :

يلاكم البيت !!!

صديقاتها :

مالك من قبيل ما كرهتينا يلاكم البحر يلاكم البحر

أسي قعدنا شنو لامن نرجع ...

مريم :

عليكم الله يلاكم نرجع بس أنا زهجت ....

يا خلاس إنتن أقعدن وأنا بمشي البيت براي ...

صديقاتها :

لا لا نمشي معاك بس الحاصل شنو ؟

مريم :

ما عارفه في شنو بس في إحساس غريب

صديقاتها :

خلي حركات بنات البندر دي و ورينا في شنو ؟

مريم :

بندر في عينكم ماشات ولا أمشي براي ....

وضعت طرحتها على خصلاتها التي تحن إليها الرياح و أسرعت إلى المنزل ....

دخلت إلى غرفتها وأخرجت جهاز اللابتوب للدخول للعالم الأسفيري ومعرفة آخر التطورات في البلاد بعد إندلاع الإحتجاجات الأخيرة في كل بقاع السودان ........

ثورة ثورة حتى النصر ثورة تزيل فساد القصر

كانت تمني نفسها بالمشاركة في هذه المظاهرات التي تشكل ملامح ثورة قادمة ، لكن هي الآن في موطنها الصغير بعيدا عن صوت الثوار داخل الجامعة وشوارع المدن التي أسقطت الدكتاتوريات وما زالت وستظل تسقطهم ...

ترفع أكفها الطاهرة بنصر قريب بعد قراءة كل خبر عاجل ... طلاب الخرطوم في الشارع ..... النيلين .... الأهلية ....سنار ....كسلا .... القضارف ..... زالنجي .....

آخر الأخبار الذي أسرها وكتم أنفاسها شباب البحر الأحمر يقيمون مخاطبة حاشدة بسوق بورسودان وإعتقال عمر و العشرات معه ....

تساقطت الدموع بين الفرح والخوف من المكان المجهول الذي لا يعرفه أحد غير كلاب الأمن ......

صورهم تغلف صفحات موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك وهم على ظهر التاتشر وعلامة النصر عالية ....

سريعا طلبت رقمه لحسن حظها و سوء حظه دخلت المكالمة ....

نغمته الشعب يريد إسقاط النظام

الشعب يريد إسقاط النظام

مع كل نغمة تنطلق يأخذ سوطا بخرطوش المياه على ظهره .....

كانت تحس بذلك ...

حاولت الإتصال عدة مرات و هو يزداد ألما في صبر يحسد عليه ......

مرت أيام كثيرة و ما زال داخل حجراتهم المظلمة و هي تترقب عودته سريعا ليملأ الصفحات ضجيجا بالحبيبه والوطن و أشعار عثمان بشرى وعاطف خيري وغيرهم من الذين يصيحون دوما و يلهبون حماس الثوار ......

في تلك الأيام حكت لصديقاتها كل تفاصيل عمر الجميلة ....

حتى قصيدته المفضلة ....

لأبكر آدم إسماعيل

ماكان معاك قدر المشي ....

حتى الدكتور أبكر نال حظه من التعريف كيف لا وهو يصدح شعرا وفكرا وروايات .....

""""""

بعد مرور أيام كثيرة وهي جالسة أمام الدوكة "الصاج " تعوس الكسرة بفن إكتسبته من جدتها وتغازل بيديها الحريريتين طرقات الفطير ، قدمت نحوها صديقتها بفرح وصياح تلفونك بضرب من قبيل وما حأوريك الضارب منو ....!!

بطلي إستهبال منو الضارب ؟

أها تاني ضرب هاك شوفي براك .....

شهقت شهقتها التي تكفي أن تجعلك تصمت للأبد !!!!

وأمسكت بالتلفون دون أن تغسل يديها من العجين ....

ألو

عمر

سالت دمعاتها على خديها فرحا بالصوت القادم بعد طول إنتظار ....

حمدلله على السلامة عودا حميدا يابطل ....

عمر :

تسلمي يا مريم وربنا يحفظك ...

مريم :

ما تستاهل

عمر :

ما إستاهل شنو

يافردة

دي ضريبة نضال ولابد من كدا و حتشرق شمس الحرية قريب ....

مكالمة قصيرة معبرة أراحت مريم كثيرا وكانت في أمس الحوجة إليها .....

عادت مجددا لدوكتها و بدأت تعوس بنشاط أكثر .....

"""""""""

داخل النص :

هذه المجموعة من الكتابات لا تعبر إلا عن خيال الكاتب وصراعه .... إنتهى

إلى صديق الغياب والحضور كما يقول الأستاذ أزهري محمدعلي

هذه الذكرى السابعة عشر لرحيل الأستاذ المناضل مصطفى سيد أحمد المقبول

فما زال الوطن بجراحه وزادت علينا أكثر الجراح ....

ما زلت معنا تغني للحرية ونردد من خلفك

أغني لشعبي ومين يمنعني

أغني لقلبي إذا لوعني...

مازلت حي فينا ....

وقادرون أن نجعله وطن للجميع ....

17 يناير يبدو أنه يوم رحيل الأخيار ....

الجان ...البعاتي .... الحوت ....

صوت الكرن جاني

يحمل خبر رحيلك هذه المرة

فلترقد روحك بسلام .....

وأبقي الصمود ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق