الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل التاسع


الفصل التاسع

 

على ساحل البحر جلس علي عبدالله يراقب البحر جيدا وكأنه ينتظر شيئا منه ...

طاف خياله وذهب بعيدا تذكر النيل وذكريات الصبا ...

عودة أسراب الطيور إلى أوكارها ، الزرائب تفتح أبوابها لإستقبال الحيوانات بعد أن إمتلأت بطونها من الرعي ...

أصوات شخيبات اللبن في مراحات الأبقار ...بنات الفريق يحملن الحطب فوق رؤوسهن وهن يتبادلن الحديث عن أمورهن ...

الأطفال الصغار أجسادهم معبأة بذرات التراب والإبتسامة البريئة الملائكية ، يتسارعون إلى بيوتهم خوفا من الظلام القادم ببطء .

حش البراسيم وإزدحام المشترين من أهالي المنطقة ...

تأمل جيدا بعض رسومات المنجل على يده ويتذكر كل واحدة وسببها ...

صوت أذان المغرب يتردد في أذنيه كأنه الآن !

شاي المغيرب في حوش البيت المرشوش بالماء منذ العصر تداخلت عليه كلمات أغنية طنبور

شاي المغيرب في البلد يتعدا من ضمن السنن ...

الشاي بالتمر أيام الشدة ويسمى بال (الجوكه ) ...

الشاي ده مالو مسيخ كدا سكر مافي ...؟

حبوبته :

(أحشا ) أسكت سكر في الدكان مافي ...

شرفت شاي ومضغت تمره تسد مرارة الشاي ...

أدار موجات ذاكرته إلى الذكريات وأيام مضت مسرعتا" وأيام تمضي بخطى مترنحة ...

البحر هادئ هذا المساء لا موسيقا تخرج من موجه ...

هو وطيفها في حوار عميق مابين الحقيقة والسراب لم يقطع حواره سوى صوت أدروب ...

آآآ بلهجته البجاوية ألي نجيب ليك جبنه؟

لم ينتبه لكلامه إلا بعد تكرار ...

أيوه ياصحبي وكتر الدواء كمان ...

همهم علي وكيف أن هذه الوحدة جميله وأليمه في نفس الوقت كفى بالبحر صديقا"...

عندما تكون الوحدة والبحر هما الصديقان الوحيدان ،الذين تستطيع مجالستهما ومناجاتهما ويكون الخيال هو الحبيب الذي تسامره وتغازله عندما تصبح وحيدا هنالك تكتشف أن العالم الذي حولك ماهو إلا ضجيجا فتستمع مع العقل ومع بعض الموسيقا وسماع ذلك الإنسان الجميل الذي في سماعه ضجتا للشوق والهواجس وذكرى لتلك الجميلة الغريبه التي لم تأتي بعد وإحتمال كبير أن لا تأتي وفي الحقيقة هي موجودة وأحس بوجودها ولكن لا أعلم إن كانت تحس بوجودي هنالك شيئ من الحيرة تمتلكني بمجرد رؤيتها أو سماع همساتها أو كتاباتها على الصفحات الزرقاء على الشبكه العنكبوتية

إشتاق لرؤيتها لدرجه الجنون فمجرد رؤيتها أصبح في اللاوعي ولا أستطيع تعبير شيئ وأذهب دون أدنى شيئ وتتواصل مأساتي دون إنقطاع وأرجع إلى وحدتي مساءا لأخاطب الخيال وأناجي البحر أحيانا رغم أنني تعودت أن أناجي النيل فأرى فيه كل ماهو جميل موجود في تلك البنت الحديقه ...

أكمل جبنته وأدار مشغل الموسيقا في هاتفه إلى أغنية فنانه المفضل أبو السيد قهوتك ...القهوة منك لوحه يسحر فيها بنك

ينصهر فيها الدوا

.

.

أطلق إبتسامة وأعقبها بكلمة ياريييت ...!

عند العاشرة قام من مكانه مودعا البحر حتى الغد ...

يلا يا أدروب لي باكر ...

أدروب : مافي أي حركه

علي : أي حركه بي بركه هاهاها

مافي كدي لي باكر نشوف قريشات ونجيك ...

أدروب :

كويس يا علي ...

""""""""""

في طريقه إلى منزله رن هاتفه ....

أحمد حسن يتصل بك ...

ياسلااااام...

ألووووو

حبيبنا شديد...

بعد سلسلة من تبادل الأشواق والسلامات ...

أحمد :

وين أراضيك يازول سافرت ولاقاعد ؟

علي :

أسافر وين... خالدونا فيها برشاما البورت دي ...

أحمد : هاهاهاها يازول قوم سافر بدل قاعد ساكت ...

علي : ماقاعد ساكت بفتش في شغل يوميات قربت ألقا ...

أحمد:

تمام ربنا يوفقك...

علي :

كيف الأهل وأرض المحنة "الجزيرة "

أحمد :

طيبين ومافي عوجه الحمدلله ...

وأرض المحنة تسلم عليك شديد...ما تجينا زيارة ؟

علي : دا المراد بس كيف في الطين دا ..!

أحمد : القدم ليها رافع خت النية ...

علي :

بجي بس ما هسي بين السمسترين ...

أحمد:

النشوف طيب...

الأيامات دي ماعد تخش الفيس مالك ؟

علي :

أخشو بالقالو حمد !!

رصيد مافي ...

أحمد :

هاهاهاها حمد قال شنو!؟

خلاس أنا عندي جنيهين برسلن ليك نشط شان تلاقي الحبايب ...

علي : مشكور

ياصحبي ...

بعدين القاليك ماعد ألاقي الحبايب منو ..؟

أحمد :

يازول مافي أي شكر...

عد تلاقيهم وين ؟

علي :

هي قاعدة في أي حته يافردة

الروح موجودة يكفي ...

أحمد :

أرحم نفسك ياخي ولي بتين تقعد في الروح معاي وتخدع في نفسك

علي : منفعلا" ... أنا كدا مرتاح يا فردة ...

كانت نغمة التحذير بإنتهاء الرصيد قد جاءت مثل سكرة الموت ...

أحمد : أسمع أنا رصيدي خلص نتقابل في الفيس ...

تيت تيت تيت تيت ...

.

.

الشمس تمارس سجودها على الأرض متناسية قذارتها فكل يوم تطل من جديد لتمنحها طهرا ولكن تأبى الأرض إلا أن تتنجس بسفك دماء الإنسان ...

ردد أبيات الشاعر معز عوض ...

كبَّل قصايدك بالحديد

لمتين تقوقي غنا ونشيد

ما فارق التمر السبيط

والواطه حِملت بالحرام

الواطه صبحت بت حرام

طوريتك الفي الطين

تغالط جدولك

ظل يردد هذه الأبيات و هو يرى كل ما يحدث في البلاد الواسعة بأهلها الضيقة بحكوماتها التي تفرق كيفما شاءت وأنما تريد بين مكونات الشعب ...

تذكر كلمات أحد أصدقائه وهو معتصم ...

ياعلي ياخي باكر سمح الحاجات دي كلها بتمشي ، لابد يوم باكر يبقى أخير ...
إبتسم وهو يردد لابد يوم باكر يبقى أخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق