الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل الخامس عشر


الفصل الخامس عشر

 

بعد فترة قصيرة إكتسبت كل خصال أهل الريف النبيلة أصبحت تشاركهم الأفراح وأعمال المنزل ...

مرقت مع صديقاتها الجميلات في إحضار سعف العواسة والكروق "مخلفات النخيل "

للطبخ ...

دخلت قلوب جميع أهل القرية من صغارها إلى كبارها بطيبتها الفطرية المستمدة من بيئة أهلها ...

تغامزن وتلاسنن الأمهات كل تريدها عروسا لإحدى أبنائها ، تتوافر فيها كل مواصفات الزوجة الصالحة ...

بزلت جدتها كل خبرات السنين الطويلة لكي تعلمها فن قلب القراصة على الدوكة بحرفة متناهية وكانت تستجيب بسرعة فائقة ...

في الصباح الباكر مع شروق الشمس إستصحبتها معها حبوبتها بخيتة إلى الجرف لإحضار الويكة والورق لإعداد ملاح أخضر ...

الحاجة بخيتة :

قوماكي يا حشاي ندلى لا تحت تشوفي الخير ونلقط شويت ويكي و ورق ...

مريم :

سمح يا يمه دقايق بس ألبس وأجي ...

الحاجة بخيته :

كدي وأرميلك طرحة فوق راسك وأمرقي مافي زول غريب ياهم أهلك...

مريم :

تتبسم ... مابعرف أمرق كدي دقايق بس ياحبوبة...

في دقايق جاءت ترتدي ثوب أمها الجميل وأصبحت كأنها نسخه طبق الأصل من أمها ...

وكان لابسا التوب ...

عند خروجها من الغرفة تعالت التعويذات و التكبيرات ...

االحاجة بخيته :

عيني باردة عيني باردة صلاة النبي يغطيك ربنا من عين الحسود يا حشاي وبعض التمامات التي لا تفهمها مريم فقط تطلق إبتسامتها الجميلة خاصة بعد ذكر حبوبتها بركات سيدنا الميرغني أب راية" خضرا ...

مريم :

حبوبتي دي والناس الطيبين ديل لسه متعلقين بالحاجات دي فعلا من شبه علي شيئ شاب عليه ...

ردت عليها ربنا يخليك لينا ...

الحاجة بخيته :

أمرقاكي قبل الشمس ما تسخن ننزل ونجي .

وسط النخيل خطواتها على الأرض الخصب تبعث في المكان روحا" جديدة والنخيل بقاماته في إنحناء لها ...

وأشجار المنقة تداعب خصلات شعرها ...

القماري والطيور الصغيرة في رقص و تغريد روحي ...

مريم تمشي الهوينا و في إستمتاع تام مع هذه الطبيعة و ونسات الحاجة بخيته و تعريف مريم بكل المزارع ...

الحاجة بخيته :

دي يا بنيتي ساقية عمك أحمد ماديها العربي!! و هو هاجر لي بلاد الخواجات وتاني مارجع ....

ودي مزرعة السيد أداها ليهو خالي لامن السيد جا هنا بدري الكلام دا يا بنيتي ...

مريم :

أداها ليهو ساكت كدا لي شنو ؟

الحاجة بخيته :

السيد بركه يا بتي ...

مريم تحدث نفسها :

من سرايتو تخش الحرم .... الناس دي مخدوعة شديد بالمعتقدات دي والدين النزلوا الله واحد ما بحتاج واسطة ....

أسي أحفاد جدي دا بكون عايشين علي شنو؟

تسأل حبوبتها أسي أولاد جدي الأهدا ساقيتو قاعدين وين ؟

الحاجة بخيته :

هم تلاته أولاد والتلاته خلو البلد إتنين في السعودية بي أولادم ومن سافروا ما رجعوا تاني ...

والتالت بقى تاجر في نيالا ومستقر هناك وبجي يزورنا من مدة لي مدة ...

يلا وصلنا ساقيتنا وياهو داك جدك يقرع في مويتو وأبوك جنبو يحش في القش ...

يا سلاااام أول مرة أشوف أبوي ماسك منجل وقاعد يحش وجدي ما شاء الله تقول صبي ...

تركت حبوبتها وإنطلقت في إتجاه والدها وجدها

الحاجة بخيته:

يا بت براحه ما تنزلقي تقعي ...

جدها :

حباب السمحه نوارة فريقنا زارنا النبي ...

منوره الساقية

مريم :

منورة بيكم يا جدي ...

جدها الكبير في السن لم يمنعه عمره من ترك أرضه التي عرفته جيدا وحفظها جيدا في عشق طويل ...

يقف شامخا بعراقي تكرفس وتغير لونه من أثر موية النيل والأرض المباركة ...

حاملا طوريته فوق كتفه والإبتسامة وعلامات الرضا والقناعة تكسي وجهه الصبوح الذي لم تغير معاناة السنين فيه شيئا مابين الكد في الأرض ومقاومة الفيضان في موسمه وصعود النخيل إكتسب خبرة وقوة ساعد لاتوجد في أعتى شباب اليوم ...

الحياة هنا تبدأ فجرا مع النباه الأول وصياح ديكوك القرية حتى مغيب الشمس ورحلتها خلف النيل هكذا قد تهيأ لهم ...

مريم :

تتابع والدها وهو يقوم بالحش في خبرة ودقة وهي تكاد لا تصدق أن هذا هو والدها الذي يعيش معها في المدينة...

يا أبوي إنت بتعرف تحش كدا من بتين ؟

والدها يابت أنا عشت هنا كتير بعد داك رحلت المدينة والحاجات دي ما بتتنسي ...

مريم :

أديني أحش طيب ذيك ...

والدها :

تحشي شنو إنت ما بتقدري وحتقطعي الزراعة ...

ألحت عليه وترك لها المنجل أها النشوفك ...!

بدأت متعثرة في مسك المنجل فأعاد توجيهها وبدأت ...

وفجأة فزعت واقفه وإنتبه لها والدها

مالك وقفت ؟

مريم :

جرحت يدي بالمنجل ...

والدها:

عشان كدي قت ليك أقعدي ساكت

إنتبه جدها لما يحدث وأتى مسرعا بعد سماع هرج إبنه لحفيدته ...

جدها :

ما تهرجا يا ما قطعت يدك إنت بعداك إتعلمت

هنا تبسمت مريم رغم الألم ...

جدها :

دي بسيطة أدعكيها بالتراب وأقعدي حشي لتطمينها ...

أحضر سريعا نسيج العنكبوت من كرقته "راكوبه من القش"

وقطعة وتمت معالجة الجرح

جدها :

يلا يالسمحة حصلي حبوبتك ديك لقطي معاها الويكي وجهزوا الفطور بسراع بسراع "سريع سريع "...

وسط هذا المكان الذي يتكلم فيه كل شيئ بلغته الخاصة كانت تسير مريم وتغني بصوت منخفض مقطع العقد الجميل وصوت شمد الذي يعجبها كل حركاته ومداخله ...

تحت الشمس في الحواشه

بين الحبه والزرزور...

.

.

الحاجة بخيته:

سجمي يابتي الجرحك شنو ؟

مريم :

لا لا يا حبوبه دي بسيطة إتجرحت بالمنجل ...

لقطي الويكه خلاس ؟

الحاجة بخيته:

أي يلاك نلقط شوية ورق أخضر شان نمشي

نجهز الفطور بدري ...

وتجيبي تجي للترباله ديل ...

سمح يا حبوبه ...

كسرة:

أطلقوا سراح الأم الجليلة جليلة خميس إنه الخميس يا مستبدا باد دعوها لزوجها وأطفالها ...أدعوا لها بالحرية ولنعمل جميعا" من أجل حريتنا ....

خارج النص :

أتشرف بكل إعجاباتكم وهي جميلة فقط أنزلوا قليلا وعطروا المكان بالمشاركات إنه الخميس ...دمتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق