الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل التاسع عشر


الفصل التاسع عشر

الواطة دي عمرا ما بتبخل على زول وكان دايره تديك لازم تحبها

الأرض بتحس زي الزول

الأرض دي أنا بزرع فيها من عمري تمانية سنوات مرقوني من أولى عشان أمسك محل جدك بعد ما مات

كنت أروتي في الساقية من تصبح لامن تمغرب بكون قاعد فوق سرير الساقية والسوط في إيدي أنهر بيهو البقر ....

فطورك غداك الشاي كلو هنا

بعد داك بقيت تربال ولي يوم الليلة ...

كان معاي ود إدريس عوض

شرد من البلد وأسي في السعودية ...

علي :

طيب إنت ما كان تشرد...

الحاج عبدالله :

أشرد وين و وراي تلاتة شفع صغار

كان هذا الحوار يدور بين الحاج عبدالله وإبنه علي أثناء تنظيف الجدول ....

واصلا عملهما

علي ممسك بحبل الواسوق

و والده بعود الواسوق

عند الوصول لطرف الحلة وكانت قد تبقت نصف المسافة لإنتهاء العمل ....

في الكبري الصغير الذي عبارة عن خراطيش و ردمية تراب من فوقها تبن قمح لمرور العربات و الدواب والبشر

يسمى بدرب الميري ....

مرة أحد المارة على حماره ألقى علينا التحية ....

آه دنيا فرن دقس

أخيرا بقيتوا تركبوا الحمير بعد العربات

علي :

الزول دا منو ؟

الحاج عبدالله :

دا ود الملك

ياما إتفنطسوا علينا وإستعلوا وأسي عدموا الحديدة ....

وبقوا يدوا السلام زمان كان يجوك بي عربات يكندكوك بالتراب و يمشوا

سبحان مغير الأحوال

ما بتدوم يا ولدي

جر جر الحبل خلينا في شغلنا .....

من بعيد ظهرت الحاجة فرحين التي لا يعرف عمرها أحد وهي كذلك ولكن ذاكرتها ما زالت تحتفظ بنقاءها جيدا أكثر ما كانت تردده إنتو محظوظين ما حضرتوا مجاعة سنة ستة ....

أكلنا فيها جلود البهايم الناشفة الله لا عادة الأيام ديك .....

يستذكر علي عبدالله أيام طفولته وكيف كانت تخيفهم عندما تجدهم بعد المغرب في الشارع ...

سجمكم رمادكم البعاتي ما شافكم

إنتو ما عارفين الأيامات دي المريق "نبات الذرة " طال والبعاتي بجي فيهو وبمرق بالليل ياكل الشفع ....!!!

فنجري جميعا إلى بيوتنا وأحيانا يكون البعض قد تبول في لباثه .....

كانت تحكي وبصدق تام أن كيف أمسك الشيخ ودالفكي أحمد بالعاتي بعد أتى إليه في منتصف الليل داخل مسيده ، والشيخ لقدرته الخرافية إستطاع أن يقنع البعاتي بأن يخرجا إلى خارج المسيد وبعد ذلك يفعل ما يريد ، وبالفعل إقتنع البعاتي بكلام الشيخ ...

أمام المسيد وقف البعاتي وأخرج خنجره بيده اليسرى

فطلب منه الشيخ بدهاء أن يمسك الخنجر بيده اليمنى و يقتله !!!

في تلك اللحظة إندفع الشيخ وأمسك بالخنجر وقاوم البعاتي حتى جلس بركبتيه على صدره ....

نادى على الأبناء والحيران وأمرهم بإحضار السلاسل

قاموا بربط البعاتي جيدا وطلب منهم أن ينتظروه في المسيد وإصطحب معه إبنه الكبير ....

خرجوا به خارج البلد وعندما سألوه ماذا حدث كانت إجابته الشر رحل وما تسألوا كيف ....؟

لم يعرف أحد ماذا حدث إلى يومنا هذا .....

سأل الحاجة فرحين أحد أحفادها يعني تاني مافي بعاتي ؟

سجم أمك في وكتار كل مرة بجي واحد ....

سكت جميع الأطفال والخوف يسكنهم فأسرعوا إلى عناقريبهم "سرايرهم " التي لحافها برش أو بطانية وإن كانوا في وضع إقتصادي أفضل لحاف قطن ...

ينامون خوفا من البعاتي المجهول الذي ينتظر كل طفل مستيقظ .....

عندما يستيقظون لا يتذكرون شيئا حتى يأتي المساء و يحل الظلام فيأتي الخوف فينامون ....

وصلت إليهم بعد زمن طويل بسبب خطواتها البطيئة ....

سلام يا عبدالله

الحاج عبدالله :

أهلا بي عمتي فرحين

الليلة من الصباح مالك متعبه نفسك ...

فرحين :

قتا الأطلق كرعي ديل شوية وأشيل لي منك ملاح كداد ...

الحاجة عبدالله :

ما ترسلي البنات ؟

البنات يكدن الجوف ومتفلهمات بقن ما بدورن الكداد ...

إنت الوليد الماسكلك حبل الواسوق دا هيل منو "حق منو"

الحاج عبدالله :

دا ولدي علي ...

الحاجه فرحين :

صلاة النبي فوقوا صلاة النبي فوقوا

تعال الأسلم عليك ...ما عرفتك النظر قله... وبتين جيت من الخرطوم ...

بعد السلام بحرارة وحضن دافيء ...

علي :

أنا جاي من بورسودان ما من الخرطوم ...

الحاجة فرحين :

إنت مو الكبير الفي الخرطوم ؟

علي :

لا لا داك أحمد الكبير

أنا علي بقرا في بورسودان ....

الحاجة فرحين :

كبرت حبوبتك يا ولدي والطيرك بورسودان البعيده ديك شنو ؟

أنا سكنت فيها في السبعينات وكان السفر صعب نصلا في أسبوع وزيادة شيتا بالباخرة لحدي كريمة وبعداك قطر لحدي بورسودان....

علي :

ودتني القراية وبلد سمحه وأهلا سمحين

والسفر إتغير بقينا نصل في نفس اليوم ....

الحاجة فرحين :

كدي بعدين تعال أفطر معاي والنتم حديثنا ...

يا عبدالله ما تجيب لي الملاح الأمشي أفركوا عشان الفطور ما يأخر ...

الحاج عبدالله :

يا علي أمشي حش ليها كداد تلقى المنجل طرف التمرة الفوق البابور ...

الحاجة فرحين :

ما تكتروا .....

علي و هو ذاهب سمع الحاجة فرحين تسأل والده :

إنت الكشنقور مالو إختفى ما بلقى لي حبات أمشي آكلن ...

الحاج عبدالله :

ياحجه حليل زمن الكشنقور بقى ما بقوم إلا مرة مرة ....

ذهب دون أن يعرفه وعند العودة ....

سألهم الكشنقور دا شنو ؟

ضحكا سويا يا حليلكم الكشنقور ما ضقتو طعموا ...

الحاجة عبدالله :

حاجة بتقوم طرف الجدول ما عندها بذور تقوم براها من فوق زي الشمسية ...

علي :

آ آ آ دا نبات فطري إسمو عش الغراب أو بقولوا لي ود الواطة ...

الحاج عبدالله :

قايتوا نحن مما قمنا إسمو الكشنقور ...

"""""""

إرتسمت ملامحها في كل مكان

الطبيعة تكلمت مريم ....

النخيل ....النيل .... كل الطبيعة إرتسمت ملامحها البريئة فيها ....

أصبح علي عبدالله يراها في كل الوجوه الطيبة البسيطة ....

سمى ألاء الطفلة الصغيرة بإسمها وأصبحت صديقته كما سيتضح لنا من خلال الأسطر القادمة وإجتهاده معها منذ الصغر لتحفيظها قصائد حميد و عثمان بشرى ...

ستفاجأ والدها الأستاذ بأبيات الإنسان حميد

وطني ولا ملي بطني

سكاتي ولا الكلام الني

بليلتي ولا ضبايح طي

وأيضا وهي في الصف الثاني ستفاجيء المدرسة بكلمات أغنية العقد الفريد

تبتبا تبتبا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق