الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل الثالث والعشرون


الفصل الثالث والعشرون

 

البحر يحتفي بها :

كانت مريم قد وصلت وأسرتها قبل أسبوعين إلى مدينة الساحل

إحتفى بها البحر

فرحة هي بالعودة محملة بالحنين والزكريات

من أرض النيل .....

كانت كطفلة يوم العيد تاركتا ضفائرها للرياح تفعل بها ما تشاء

البحر بعد غياب طويل الصديق النبيل لها

الآن يمكنها سماع موسيقا موجه عن قرب بعد أن كانت أصداء موسيقاه تأتيها عبر الخيال و الحنين ....

أزاحت الغبار من أثاث المنزل مع والدتها وأعادت للمنزل بريقه أو بالأصح هي بريق المنزل و جماله

القديسة....

قبل المغيب أتت إليها صديقة دربها فاطمة محملة بالأشواق

تتشابهان كثيرا"

كل واحدة منهن لها قدسيتها ....

تبادلتا التحايا والقبلات لدقائق تحسها سنوات من الشوق الطويل

أحضرت والدتها صحنا" من التمر الجيد

داعبتها فاطمة :

ما تحنكيني بالصحين دا

أنا عندي كرتونة معاكم

والدة مريم :

سمح إن شاءالله في عرسك نجيبلك الما تمر

تبادل الجميع الضحكات

والشمس تتوارى خلف جبال البحر الأحمر مرسلة الأشعة الذهبية للبحر في وداع حتى الغد

طلبت مريم من فاطمة الذهاب للبحر

فاطمة :

يا بت البحر ما طاير يادوبك جاية من السفر وتعبانة

نمشي باكر

مريم :

نمشي أسي ولا تعبانة ولا شي

بس نمشي ...

فاطمة :

خلاس كويس ....

راسك قوي

تلفحت بثوبها وخرجتا كعروسين

في الطريق

الأزقة كما هي في الحي الشعبي

الأطفال يتجارون خلف بعضهم البعض....

في البحر :

البحر هاديء يكتسي لون الغروب

قارب صغير يستعد للإنطلاق إلى داخل البحر في رحلة البحث عن ما يجود به البحر من خيرات

صياد عجوز بزيه البجاوي الجميل

أظنه ألف البحر

أشعل سجارته مودعا الضفة إلى الأعماق

وصلت النورستان إلى البحر مع مغادرة العجوز

لوح لهما بالسلام من بعيد

إبتسمتا له ولوحتا بالسلام أيضا

منذ الصغر و هذا الصياد في ترحاله هذا يا له من رجل صبور ....

إنشرح صدر مريم و نزلت دموع الفرح قطرات تمتصها الأرض في لمح البصر

حتى الأرض تحن إليها

جلستا في مكانهما المعتاد

مقبلتان على البحر في خشوع روحي

أو قل صلاة الروح مع البحر

ساد صمت طويل ...

لابد من هذا الصمت عند مجالسة البحر

ليعطيك بعض من موسيقا روحه التي تجعلك في براءة الأطفال

بعد مزيدا من الصمت تكلمتا و تجادلتا وحكت كل للأخرى حكايات جميلة .....

حدثتها عن إعتقال عمر و مجموع الشباب الشرفاء الذين فاق عددهم الألف معتقل في كل مدن السودان منادين بحرية سلام وعدالة

حل الظلام تدريجيا على البحر

الآن تسمع صوت الموج وهو يصدح

فاطمة :

يلا خلاس نمشي بيوتنا الدنيا ليلت

مريم :

طيب نرجع

البحر لا يفارق فقط تذهب منه جسديا وتتعلق به روحيا

هكذا قالت مريم مودعة البحر

إستقلتا ركشة من "الباورة " حتى البيت ليس بالبعيد فقط حتى لا يتأخرن أكثر

أدار السائق مشغل الMP3 فكانت أول الأغاني للإنسان أبوعركي البخيت

بستنشقك .....

تبسمتا فرحا

حتى أحس السائق بأريحية الركشة فقلل السرعة لمزيدا من الإستمتاع

بالقرب من منزلها أرادت فاطمة توقيف الركشة

أمسكت بها مريم وطلبت من السائق الذهاب

تشربي معانا شاي لبن مقنن بقرقوش البلد بعد داك ترجعي ....

قرار ليس منه رجوع

وصلتا المنزل

دفعت الأجرة إثنين جنيه وجنيه عشان خاطر أبوعركي

تبسم السائق ورفض الجنيه

مادام في بنات صغار بسمعوا أبوعركي إذا مازلنا بخير

بعد ما شوهتنا الإنقاذ

أدار الركشة بسرعة مغادر

دون أن يسمع أي رد

في خلف الركشة مكتوب عبارة "مشرع الحلم الفسيح "

أدركتا كل شيء

نطقت فاطمة :

عاش كفاح الشعب السوداني

في المنزل

كانت والدتها قد أعدت الشاي المقنن

جلس الجميع وسط جو من الفرح لتناول الشاي ....

""""""

عمر

حاملا إذن الدخول إلى حظيرة الميناء

باحثا وكالعادة عن عمل في هذه الإجازة الطويلة

يوم يصيب و يوم يخيب

يلاطف الكلات الطيبين بلغتهم المحلية

وفي المساء يعود إلى فرشته على البحر يجالس أصدقائه

يحللون و يتجادلون في راهن هذا الوطن

والهاوية التي يتدحرج إليها بفعل الساسة والعسكر

بورتسودان :

الصيف ما زال في ريعان شبابه

الطقس جميل هكذا يردد دوما" عمر

بورسودان لها طقس مختلف عن كل الأماكن يتغير في كسر من الثانية

لا تأمن طقسها

ما بين الساحل وسلسلة الجبال تجلس هادئة برغم أنين الفقر الذي يحيط بأطرافها وريفها

ويوم أن طالبوا بأبسط مقومات الإنسانية

مأكل مشرب مسكن

كانت لغة الرصاص تخاطبهم في الرأس والصدر سقطوا شهداء

وذهب القاتل يجوب أنحاء الوطن مزيدا من التقتيل و التشريد

كل الأنحاء

حتى هرم الجسد من شدة الألم فتنفس شطرا من الوطن وذهب مستقلا من الجسد المنهك

وكتبنا القصيد وسكب البعض الدموع

وفر الكثير هاربا من الوطن الجحيم إلى المنفى

ومازال الرصاص يخاطب الرؤوس مباشرة ليسقط الآلاف من أبناء وطني في الأطراف المهمشة

الطلاب في نيالا يسقطون

عماد الأمة

وفي الجزيرة نفس أبناء الإقليم يسقطون والإعلام الكازب يتحدث عن أنهم ماتوا غرقا في ترعة ....

و نصمت ....

الخرطوم يهتز عرشها وتضاء ليلا بألسنة النيران

وتلفازنا القومي يبث الأغاني وتتسمر المزيعة زات اللون الجميل في عقلهم المستلب والعقل الفارغ أمام الكاميرا

وتحدثنا عن التنمية وزار السلطان وإفتتاح المشروع الذي سيزيل الفقر عن الوطن

وعن تقدم الوطن

ليتفاجأ الجميع بضرب الخرطوم في مركزها الحربي للتصنيع و نستمع لنكات المسؤولين عن شرارة اللحام التي دمرت المصنع

لتعلنها إسرائيل داوية بضرب موقع حيوي في الخرطوم

ويعود المسلسل أمريكيا وأعداء الإسلام

و نحتفظ بحق الرد

وحماس سنرد الضربة بدلا عن الخرطوم

يا وطني ماذا أسميك

في تلك الأيام كان الساسة يجلسون على مائدة السلطة ليقتسمون نصيبهم

يجلس أحد السيدين و يعارض الآخر

تمتد يد المفاوضة للآخر يدخل أحدهم و يزج الآخر بإبنه

ويجلس هو ليعارض

والداخل للسلطة يتحدث عن مشاركته من أجل إستقرار الوطن

ويأتي للشرق لإفتتاح فرع البنك

"أصله ثابت وفرعه في السماء يأتي أكله كل حين "

لننهض بإقتصاد الوطن

ليستعيد الوطن مكانته في العالم

ياوطني

و يحدثنا إمام الجامع عن النار ، جهنم

وعن أن العلمانيين واليسار سيدخلون النار خالدين فيها أبدا

أتباع الغرب واليهود

باعوا دينهم و دنياهم

قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله

وأمام الجامع تجلس الأمهات الفقيرات وما أكثرهن لله لله يا محسنين

يخرج من الجامع و يركب عربته الفارهة و يذهب إلى جنته مع السلطان ليفتي له حسب مقياسه ....

وطني

علينا أن نفيق لندرك ما تبقى من وطن

""""""

عمر علم بعودتها من خلال الرسالة التي وجدها على صندوق البريد الوارد

تبسم

بورسودان الآن أصبحت أكثر جمالا

عاد النورس إلى البحر

عودا حميدا مستطاب ...

داخل النص :

تمايزت معي كل الأشياء منذ بدأ كتابة السلسلة هذه

هي الصدفة !!

أم القدر

لا القدر تواطأ

إذا ثلاث وعشرون عاما لم يبتسم

مازالت الصحراء ممتدة

فقط هنالك أصدقاء جميلين في كل مكان

أذهب إليه

شكرا جميل لكل من تابع معي وأنتظر وأتصل عند الغياب

شكرا للزمن الجميل

الذي جمعني بكل شرفاء البحر الأحمر

شكرا البحر الأحمر

شكرا مريم الملهمة

عزرا لكل من ضايقه النص و وجد أنه المدان

بقدر ما أجد في هذه السلسلة نفسي بقدر

ما أجد نفسي مطالب من أجل الآخرين بوقف النشر

أتمنى أن أكون على حسن ظنكم

وسنتلاقى في نص جديد

وقفتكم كانت زادي على إمتداد ثلاث وعشرون خميسا

شكرا كل من نقد فكان نقده سببا في تطور النص

وأخص

عبدالقادر منصور سقا

معتز الأمين

فياض محمد أحمد

مراد محمد أحمد

وكل من ساعدني على النشر وتنسيق النص

الهميم الشيخ

نفيسة الفاتح

مقداد حنفي

زينب أحمد

أيمن هاشم

أحمدالريفي

وشكرا للمصحح للأخطاء

صديقي مصطفى القاضي

وأشكر أصدقائي أصدقاء البحر "فرشة الخال علي المجزوب"

شكرا جميل للجميع

وإن سقطت بعض الأسماء سهوا

نتلاقى في نص قادم وأتمناكم حضورا طيب كما عهدتكم دوما" أصدقائي وصديقاتي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق