الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل السابع عشر


الفصل السابع عشر

وداعا" أتبرا الطيبه لك الإنحناء .....

تحرك باكرا" صوب الشمال والشوق ولهفته تزداد أكثر فأكثر

للوصول للأهل وقريته الصغيرة بعد طول غياب ...

الصحراء لاحدود لها ... هي جميلة برغم مابها من مخاطر ...

من خلف النافذة تأمل في هذه الصحراء جبال وتلال وسهول لا يسكنها إلا القليل من العربان الذين يألفونها جيدا" ويحفظون طرقها الوعرة على ظهر قلب ....

من بعيد بدت ملامح أرض الأجداد مروي تظهر تدريجيا" ...النخيل شامخ شموخ أهلها في عزة وكبرياء

توقف البص في محطة العبور بمنطقة تنقاسي ...

تنفس علي عبدالله نفسا عميقا حتى نظر من حوله إليه في إندهاش ...

أراد النزول من البص

فتلقى توجيها من السائق أنهم لن يتوقفوا كثيرا هنا...

علي عبدالله :

ما ماشي حتا

نشم ريحة البلد دي بس طولنا منها

السموم غلاية وذرات الرمل الساخن تتساقط على الأرجل كالرصاص

عاود الرجوع إلى مقعده ومن خلف الزجاج بدأ يتأمل ...

الأطفال الصغار سارعوا في الصعود إلى البص يحملون بعض البضائع البسيطة يسترزقون منها ويساعدون بها أهلهم ...

طفل صغير يحمل أكياسا" من المنقة "المانجو " الصفراء التي تسر الناظرين ...

علي عبدالله

يا جنا المنقة بي كم ؟

الدسته بي تلاتين...

في إندهاش ...

تلاتين شنو ياجنا؟

حيكون شنو يعني ؟ تدارك أنه تضايق منه ..

علي عبدالله:

تلاتين دي بعد رفع الدعم ولا قبلو ...

كاد الطفل أن ينفجر من الغيظ ...

الطفل:

يازول داير تشتري ولاعندك راي ؟

علي عبدالله

عندي راي!

الطفل

رايك شنو؟

علي عبدالله

داير لي نص دسته بس تخفض شوية ؟

الطفل : خلاس جيب طلاطاشر جنيه في النص ...

كويس جيب لك نص دسته سمحة كدي ...

بعد أن ناوله حقه وهو ذاهب

علي عبدالله :

يا جنا وسع صدرك ...وكأنه لم يقل شيئا" ذهب في حاله وهو يبحث عن رزقه ...

مره بالعديد من المناطق ...النخيل على إمتداد البصر ...طفلة فوق حمارها وهي تنظر إلى البص المسرع والرياح تعبس بضفائرها المتدلية ...الملائكة السمر ...

بكل تأكيد تتمنى أن تركب هذا البص يوما ما كحالنا في الصغر ..

جبل البركل كما هو منذ عهد أجدادنا بعانخي وتهراقا صامدا" من بعيد ينظر إلى النيل في فخر وهو يتعجب من منظر النيل والنيل شاهد على تاريخه .....

هذا الجبل له وقع خاص لعلي عبدالله هذا شيئ لا يوصف فقط يتمنى لو إجتمع بجميع أصدقائه فيه سيستمتعون بكل تأكيد....

تاريخ أجدادهم مسطر عليه وسياحة لا مثيل لها فقط تنقصه الإهتمام من الدولة ...آه الدولة تبا" لحكومتنا فهي لا تهتم بالإنسان السوداني دعك من تاريخه ...

سيأتي اليوم الذي نلتقي فيه في واقع أجمل ...

مر البص مسرعا" بجانب هذا الإرث التاريخي وتمنى لو تعطل البص قليلا" لينزل على هذه الأرض ويتأمل تلك الإهرامات بجانب الجبل ولكن هيهات مر مسرعا إلى آخر الرحلة دنقلا ...عبر صحراء كم مره أخذت سالكيها إلى رحم السماء ... ساعة ونصف تفصله عن وطنه الصغير وهو مابين الشوق والذكرى لتلك المدن الجميلة بأهلها التعيسة بحكوماتها مابين شوقه لأصدقائه و.... مريم ....

""""""""

هذا الصباح

الشمس تشرق في نشاط تمنح المزارعين حيوية ليوم مليئ بالكد والعمل ...

أول أنغام الصباح أصوات العصافير ممزوج بصوت القمري فوق شجرة النيم التي تتوسط الحوش الوسيع ....

إستيقظ علي وهو يتأمل في هذه الطبيعة التي تأخذ العقل ...

ياالله إنها القرية الطيب أهلها حالهم يمتد من واقعهم الأشياء في أماكنها لم يتغير شيئ ...

أدى مراسم الصباح وركعتي الصبح ...

كانت رائحة البن قد عمت الدار إنها حبوبته عاشة كروبي لم تتخلى عن عادتها في قلي البن من الصباح الباكر وهي تتكيف لرائحته أكثر من أي شيئ ...

دخل على التكل "المطبخ " وهنا المطبخ ليس كما هو في المدينة عبارة عن غرفة صغيرة بل بالعكس أكبر من أي غرفة هنا يتوسطه دوكة الكسرى "الصاج" وفرن صنع من طين الطبيعة ...

ومقعد لنار الطبخ ويسمى باللدايات والنار توقد من خشب الأشجار وجريد النخيل ...

جلس في البنبرالخشبي لتناول شاي الصباح داخل التكل فقد تعود منذ الصغر على تناول الشاي داخل التكل ...

حبوبته : المدينة خربتك يا علي بقيت تنوم للضحى وتفوت صلاة الصبح ...

مع إنو الساعة كانت السابعة صباحا"

علي :

ياحجة : فتر وتعب السفر بس وفي نفسه أن يستعد من الغد للإستيقاظ لصلاة الصبح

في المسيد...

حبوبته :

تعالي يابت كبيلو الشاي ...

تناول الشاي مع قطع قرقوش "عيش البلد الناشف كما أطلق عليه أحد أبناء المغتربين "

لفت إنتباهه الفانوس المعلق في مسمار كم سهر هذا الفانوس معه ...

المذاكرة مع الأذان الأول يا حليلك ياصديقي الفانوس ضيعت زمنك معاي ما بقيت ليك مهندس ذي ماوعدتك ...

سأل علي الجميع إنتو الفانوس دا لسه عايش بعد الكهرباء ماجات ...

حبوبته :

ياولدي أعمامك كلهم إتعلموا بالفانوس دا ومن قبل أبوك ما يعرس أمك ...

هاهاهاها علي عبدالله

يعني إحتمال حضر الإنقليز "الإنجليز "

حبوبته :

لا لا إشتريتو زمن أب عاج بي تلاته قروش ...!

علي عبدالله :

أب عاج دا منو ؟؟

حبوبته :

نميري

علي عبدالله :

همهم في دواخله العسكر ... الأستاذ محمود محمد طه

عبدالخالق محجوب ورفاقه ... الشريعة ...الخ

حبوبته: نكبلك جبنة؟؟

كيف دا كلامك كبي طوالي ...

حبوبته : بقيت من ناس الشرق جنك جبنة

هههه والله هناك جبنات تقيلة ....

حبوبته : أها أولاد عبدلي "عبدالله " ما جايين السنة دي ...

علي عبدالله :

كلهم جايين بس قريب رمضان ...

يدخل محمد إحمد سلام عليكم إنت الزول لامن يجي من السفر ما يقنب في بيتو شان الناس تسلم عليهو ياودالشرق ...

علي عبدالله

أو حمدإحمد ياخي أنا مرقت من البيت دا بعد المغرب بس مشيت أعزي ...

تبادل السلام والأخبار يسأل عن جميع الأهل في بورسودان وخاصة خاله عوض .

محمد إحمد

إنت ماتكبي الجبنة ياعاشة كروبي ..

الحاجة : إنت أسي بتين وصلت لامن أكبلك الجبنة ...

يدخل والد علي :

يكاوي محمد إحمد

إنت الواطة بتين أصبحت لامن بقيت حايم في نص البيوت ...

محمد أحمد: لو ما أصبحت ذاتو بجي إنت ذاتك ماعد تكارن "تحوم

من الصباح في الحلة..

والده : أها الليلي مامدور البابور

محمدأحمد: لا لا أمس كتا مدور...

والده : خلاس أنا مدور الليلة ...

محمدإحمد:

خلاس الجدول داير نضافة والمرة دي عليكم ...

الحاج عبدالله :

كويس بننضفوا و علي دا ما دام في بيتجيه ...

محمد أحمد :

إنت ما تدي تلاتة يوم حقت الضيافة بس من أول يوم كدي ...

علي عبدالله :

ضيافة شنو أصلا متعود على الدرش دا

....

يحمل الواسوق على كتفه و ينزل على العمل وهو يردد أغنية

شفتك في الصباح مندلي حياك النخيل

كسرة:

46 / 2 .......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق