الأربعاء، 1 يناير 2014

مريم والبحر - الفصل السادس عشر


الفصل السادس عشر

نهارا ودع البحر مسافرا لدياره بعد غياب تسعة أشهر

بعد محاولات كثيرة وجد شاحنة "الطيران الروسي "

حتى مدينة عطبرة ومنها إلى دنقلا ...

قبل الرحيل ودع أصدقائه وإستلف كتاب سقوط الأقنعة ليكون جليسه في الرحلة الطويلة إلى أرض الديار ، وهو صديق يحمل الكثير من الحقائق عن ساستنا وما يدور خلف الكواليس والغرف المظلمة...

ودع صديقه عمر و هو غير مدرك لما حدث ...!!

علي عبدالله :

هل كنت ثملا" عندما عرفت الحقيقة؟

أم كل ذلك عبارة عن تخيلات بدت لي حقيقة ..!!

فيا بورسودان أحفظي ما عليك ...

فليكن ماحدث حقيقة وما المانع هو صديقي فيبقى كل شيئ على ما هو عليه

أما أنا فالتحترق دواخلي صمتا" كما خلقت لتحترق

مر اليوم الأخير مسرعا ومجمع الكليات يكسوه الصمت كغير العادة ...

يتواجد الخريجين فقط بعد قرار الإستثناء من الإغلاق لأجل غير مسمى ...

الترابة متواجدون بضجيجهم الجميل و معاكستهم للجميع

" علوم أرض شطة خضرا "

صديقي المهدي بوجه الأفريقي مبتسم دوما و نقاشاته وتعاليقه الساخرة ومعه الساخر جدا الذي يصمت كثيرا ثم يخرج كلمات من الأعماق تصيب الهدف تماما إنه مادبو...

شلة الحلفاء الرقراق أيضا موجودة والأصدقاء الترابة

بدأت نقاشات حول كتابات بركة ساكن ...

أحد الحلفاء :

ساكن دا خطير و هبش واقعنا السوداني والحاجات المسكوت عنها بس شنو

الحاجات دي ما كدا

علي عبدالله :

الحاجات ... وضح

الحليف :

يا عباس عارفني قاصد شنو

علي عبدالله :

ما تعمل لينا فيها محافظ وماكدا حقتك دي وما تعرف كيف دي ...

ساكن دا كتب عن واقعنا والجنس والمثليين والعبيد والظلم و دي حاجات حاصلة في مجتمعنا دا ..لازم نحكها عشان نصل لي حل للإشكالات الكتيرة في الوطن دا ...

الحليف :

ما كدا لاكين

الحاجات دي ما عاملة كدا

علي عبدالله :

يازول عاملة كدا وزيادة ما تعمل لينا فيها متحفظ ...

يقطع النقاش أحد الأصدقاء

خلونا من دا يا خي الزول دا عيشني القصة دي عديل حقت الجنقو ياخي أنا خشيت الزقاقات ديك كلها وشربت المريسة وعشت الحاجات السمحة كلها

الحليف :

إنتو بس شايلين سرير دبل فوق راسكم دا وحايمين ....

بنية وعي تناسلي بس ...

هاهاهاهاهاهاهاها

يطلق الجميع الضحكات وفي تلك اللحظات يرن هاتفي الذي لا يرن كثيرا

ألو ...

يازول إنت جاهز مارقين بعد نص ساعة

إتحرك على الشاحنات أسي ...

تمام مسافة السكة ...

نهض واقفا مودعا الجميع بعضهم سوف ألتقي به مجددا" والبعض لن ألتقيه في القريب خاصة مهدي أم ليونة ...

حان موعد الإنطلاق إلى أرض الديار دنقلا لا أستطيع أن أصف مدى عشقي لهذه الأرض فقط لها إيقاع خاص في داخلي ...

تحركت من المدينة الساحلية التي هي بكل تأكيد لها طعم خاص بأهلها ومذاق جبنتها البكرية ....

فنجان جبنة بي شمالو يسوا الدنيا بي هالو ..

شرق السودان البحر ومريم إنها البلاد التي جئتها بالصدفة فكانت نعمه الصدفة ...جمعتني بأناس فقط أنا سعيد بهم إنهم أهلي ...بعضهم إلتقيت بهم بالصدفه فكانوا أسماءا" في حياتي ...

بقدر ما كنت سعيد بسفري بقدر ما أنا حزين على فراق البحر وأصدقائي ومريم ...

في الشاحنة :

لاحقتني كل الذكريات و تبادلنا السلام وبعض الأسئلة السخيفة ...جنسك شنو !!

ثم كعادة كل السودانيين الى شارع السياسة ...

وفي أثناء النقاش ... الثورة

الإنفصال

الإقتصاد ...

السائق :

كلامك سمح أها البديل منو ؟

دايرين تجيبوا الصادق والأحزاب تاني ....

علي عبدالله :

ياخي أكتر سؤال بايخ البديل منو ...

أكتر من تلاتين مليون سوداني ما قادرين نختار حكومة محترمة و نصنع واقع نسيروا نحن ما تسيروا عصابة ذي الأرزقية ديل ...

الصادق ما يحلم وثورة فيها الصادق ما دايرنها

البلد دي

من سته وخمسين ما ضيعه غير الطائفية وجات ما تسمى بالحركة الإسلامية ضيعته زيادة ...

دايرين دماء جديدة ناس مخلصة وطن نتساوى فيهو كلنا مش على أساس لونا ودينا

نعترف بحق الآخر نتعايش كروح واحدة ...

والكل عندوا دين ...

السائق :

كلام سمح الله يوفقكم

علي عبدالله :

صح الله يوفق و نعمل كلنا على التغيير وتغيير مفاهيمي ...

تركته قليلا وأخرجت كتاب السقوط

لأقرأ مرارة ما يحدث في واقعنا السوداني ...

قرأت منه الكثير وأنا لا أصدق لو لا وجود الدليل والمراجع في نهاية كل صفحة ....

فضلت الإنشغال مع الشبكة العنكبوتية أو موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك " فوجدت صديقتي الوفية تزين جدار البريد الوارد

قصرت مسافة السكة الطويلة فكانت شريكتي في السفر ....

من بعيد بدت في الأفق تبدو ملامح أتبرا الطيبة آه إنها منجم الثورات كما رددها أبوي حميد يا أتبرا الطيبة يامنجم الثورات جيتك بعد غيبة ....

الوقت مع الغروب الشمس تسدل ستارتا" على النيل والنخيل كتب عليها وداعا" إلى حين ...

نزلت على رصيف الشارع منتظرا صديقي صلاح عطبرة لأذهب معه إلى منزله ...

إنهم أناس لا يمكن وصف كرمهم بأي حال فقط كم أنا سعيد بمعرفتهم ...

في المساء:

ذهبنا سويا" لإحتساء الجبنة وبكل تأكيد مريم حضور ..أطلعي من دمايا ....

نهارا

لقاء النيل :

أتبرا أرض من أرض أخرى ... تحس الطيبه في وجوههم وتتذوقها كرما" ...

مررنا بموقع السكة حديد فظللت أردد أغنية العقد الفريد

لما القطار صفر وقف

بهرتني صورة عطبرة

دي محطة الوطن الكبير

كانت تضج متحضرا

سكك الحديد هرمت من فعل حكومتنا الغبية والقطارات أصبحت تراثا" فقط .. فرددت أيضا"

سكك الحديد بي كم

بي كم بيت المفتش .

صلاح : دا حي السودنة من أرقى الأحياء هنا من زمن الإنجليز .

مبشر: حي برجوازيين يعني

صلاح :

صلاح :

هههههه أي حي ناس كبارات ومسؤليين...

مبشر: تبا" لهم بس حي جميل شديد

صلاح : ها

الحي دا إنتهى أسي كان زمان والله من الكيزان ديل جو عطبرة دي إنتهت ديل ناس فقر ...

وصلنا إلى الحبيب المنتظر إلى من غبت عنه فترة طويلة كم أشتاق إليه إنه النيل ...

الصلاة عليك يا والدي لا أستطيع أن أعبر لك عن شوقي فقط أريد أن ألقي عليك هموم مريم والبحر ...

مريم :

النيل يقرأك السلام

رغم حزنه الأبدي

أبني لنا وطنا

وطن يساوي كل خصالك ...

مارست طقوسي مع النيل نفس طقوس البحر وهنا أيضا يسمى النيل بالبحر ...

صليت عليه صلاة الشوق وأذعت له بعضا من ألامي وشجوني ورغم الألم أبلغته تحايا مريم وأشواقها له .....

ستأتي إليه قريبا تحمل أشواق البحر "المالح" وذكرياتها ....

تناولنا القهوة بكل نشوة على ضفة النيل وسعادتي تسع كل المكان ....

مريم بكل تأكيد حضور يزين مرسى البنطون سابقا.... ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق